كتب – جميل الصامت
إذا كان من نجاح يمكن ان تكون حققته الولايات المتحدة الامريكية في الحرب الاخيرة شرق أوروبا هي زيادة قبضتها على دول القارة العجوز وتفعيل دورها في حلف الناتو الذي وصفه البعض يوما بعديم الجدوى غير شد دول أوروبا نحو واشنطن بمقدار إبعادها عن احضان موسكو الاكثر دفئا للكثير منها من خلال امدادها بالغاز والوقود، والحبوب معا .
اندماج اقتصادي حققته روسيا بوتن مع دول أوروبا اخاف واشنطن ،التي سعت لتفكيكه بتدبير ودعم الثورات البرتقالية كما تسميها في دول (الطوق) لروسيا تحديدا ،وتكثيف الانشطة المحظورة المثيرة والمهدد للامن القومي الروسي .
بدت المانيا وفرنسا تراودهما احلام الطموح الامبراطوري ففطنت لانشاء مظلة نووية لاروبا مع عقد التسعينات من القرن المنصرم لينتهي الامر بانفراط عقد الاتحاد الاروبي بخروج بريطانيا .
ومرورا بطموح تشكيل جيش أوروبي إلى ما هنالك من طموحات الاستقلال عن واشنطن وصولا الى ماوصلت اليوم من شبه توحد للنأي بنفسها عن الحرب رغم تماهيها مع العقوبات ضد موسكو إلى حد ما .
كل ذلك لتظل واشنطن ترقب من بعيد وتحبط كل المساعي وتوئدها في مهدها -مع ان غالبيتها مجرد افكار – بسياستها القابضة على القارة العجوز وعبر دعم التيارات الشعباوية لخلق مشكلات لاروبا والقادة الكبار .
وليس أدل على ذلك من تنامي وصعود اليمن المتطرف في اكثر من بلد أوروبي ،اضطرت معه بلد مثل المانيا وزعيم ك المستشارة انجيلا مركل لفرض غرامات مالية تصل الى 50 ماركا ضد كل ناخب يحجم عن المشاركة في الانتخابات ،وذلك للحيلوله دون صعود اليمين المتطرف .
اليوم الرئيسان بايدن وجنسون يؤكدان في بروكسل عاصمة الاتخاد الاروبي ان أوروبا اكثر تماسكا عما كانت عليه اثنا بدء الاجتياح الروسي لاوكرانيا.
الولايات المتحدة تسنفر كامل طاقتها لفرض العقوبات ضد روسيا لتحل بديل عن النفط والغاز الروسين وتطمع لجر الصين لدخول المعترك لترث شركاته واسواقه وتجمد اصوله .
ماتقوم به الولايات المتحدة هو لتعزيز دورها وخدمة مصالحها ،على حساب دول وشعوب القارة الاروبية والعالم الذين يكتوون بنيران الحرب الاقتصادية .
الأوربيون اثبتوا يدركون مخاطر التبعية والانقياد خلف واشنطن من انها قد تجرهم ليصبحوا ساحة حرب عالمية ثالثة ليسوا مستعدين يدفوا ثمنها فيما لو لم يعيدوا النظر في ثمن الانجرار وراء واشنطن .
أوروبا محل صراع بين موسكو وواشنطن وعواصمها تعيش حالة انقسام اليوم افقي وراسي على مستوى الانظمة والشعوب ،فعلى مستوى الانظمة هناك دول ترفض ان تجعل من حدودها ممرات للاسلحة الى اوكرانيا ،واخرى ترفض مطالب زيلنسكي ،
وهناك دول ترفض العقوبات بصيغتها الحالية ومترددة في التعامل معها ،وتخشى نشوب اي مواجهة .
وعلى مستوى الشعوب لم يكن لوقع الحرب صدى في الشارع الا من بوابة غلاء الاسعار رغم تدفق اللاجئين،والاشتغال على الجوانب الانسانية .
فالحقيقة ان القارة العجوز واقعة بين مطرقة واشنطن وسندان موسكو ..