تعز معقل الجماعات المسلحة والمعسكرات غير النظامية لحزب الإصلاح (تقرير)
شارع تعز – خاص
حزب الإصلاح بتعز يهمين بشكل كبير على المؤسسة العسكرية والأمنية وفقاً لتقرير حديث أكد أن أولويات الإصلاح الحالية تتركز على مواجهة قوات طارق صالح المدعومة إمارتياً باعتباره خطراً يهدد مصالحه اكثر من الحوثيين إلى جانب مواجهة قوات الانتقالي المدعومة إماراتياً أيضاً.
التقرير الصادر عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية “وهو مركز قريب من سلطة الشرعية” قال أن سيطرة الإصلاح على الهياكل العسكرية الرسمية دفعته إلى تشكيل هيكل موازي(قوات الحشد الشعبي) عبر تشكيل وحدات عسكرية غير نظامية ومعسكرات تدريب في جنوب تعز، على المنطقة الحدودية مع لحج.
ولفت إلى أن تشكيل معسكر يفرس التدريبي، الذي كان وراءه حمود سعيد المخلافي وبتمويل من جهات مجهولة جعل الإصلاح يستحدث ثلاثة معسكرات تدريبية جديدة، الأول في منطقة راسن بمديرية الشمايتين، والآخر في منطقة الصنة بمديرية المعافر، والثالث في منطقة الفوادع بمديرية المواسط.
التقرير رجح حدوث مواجهات وشيكة بين قوات الإصلاح وقوات طارق صالح من جهة وبينها وبين قوات المجلس الانتقالي من جهة ثانية.
وقال أن التجار والمدنيين داخل مدينة تعز، يخشون من أي تصعيد عسكري بين الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي قد يؤثر على طريق الإمداد الوحيد للمواد الغذائية الذي يصل تعز بمدينة عدن، والتي يسيطر عليها المجلس.
وأضاف “يستمر المدنيون في تعز بدفع ثمن ضعف الدولة اليمنية وما نتج عنه من تمكين للجماعات المحلية المسلحة خلال النزاع. هذا الأمر حول تعز إلى مرتع للنشاط الإجرامي والاستيلاء غير القانوني على الأراضي في الوقت الذي ازداد فيه ابتزاز المدنيين من قِبل الجماعات المسلحة”.
☆ شارع تعز تنشر أجزاء من نص التقرير
■ سيطرة الإصلاح
بداية سبتمبر/أيلول 2015، بدأت فصائل تعز المناهضة للحوثيين بالانقلاب على بعضها؛ حيث استخدمت الموارد التي حصلت عليها من الداعمين الإقليميين ورجال الأعمال المحليين لشن معارك داخلية للسيطرة على المحافظة. قاد حزب الإصلاح، الحزب السياسي الإسلامي المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، المعسكر المهيمن في تعز. اتهم الخصوم السياسيون للحزب الأخير بالسيطرة على القرار السياسي والعسكري داخل مدينة تعز، وتلقي أموال غير معلنة من قطر وعُمان، وتلقي دعم مادي من الحكومة اليمنية والتحالف بقيادة السعودية.[1] أما المعسكر الثاني فكان كتائب أبو العباس السلفية واللواء 35 مدرع بقيادة عدنان الحمادي.[2] وبعد عام 2017، شمل المعسكر الثاني أيضًا قوات طارق صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبدالله صالح. يتمتع هذا المعسكر بدعم واسع ومعلن من الإمارات حتى يومنا هذا.[3]
استخدم المعسكر الموالي للإصلاح محور تعز العسكري -القيادة العسكرية الرسمية للقوات الحكومية في محافظة تعز- بفاعلية لخدمة أهدافه. عيّن حزب الإصلاح موالين له في مراكز قيادية عليا، مثل خالد فاضل،[4] كقائد للمحور، والعميد عبده فرحان المخلافي، الشهير بـ”سالم”، كمستشار للقائد.[5] أدت هذه الهيمنة على تشكيل عسكري من المفترض أن يلتزم الحياد السياسي إلى تفاقم مخاوف الأحزاب السياسية والقوات المناوئة في تعز، كما أثارت شكوكًا بأن الجيش الوطني انحرف عن مهمته ويسعى وراء مصالح حزبية فقط.[6]
يقال إن فاضل يحظى بدعم حزبي ورسمي من مكتب نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر.[7] يعمل مستشاره سالم باستقلالية عن مؤسسات الدولة، إذ يلتزم كليًّا بالتوجيهات الصادرة من رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح، محمد اليدومي المقيم بين الرياض واسطنبول.[8] يُعد سالم أحد أعضاء حزب الإصلاح منذ وقت طويل حيث إنه أدار الجناح العسكري للحزب في مدينتي تعز ولحج منذ حرب صيف 1994 حين انحازت قوات الإصلاح إلى نظام علي عبدالله صالح للتصدي لمحاولة انفصال جماعات جنوبية عن الجمهورية اليمنية المشكلة حديثًا حينذاك. عمل سالم في الظل منذ ذلك الحين على الرغم من أنه المهندس الخفي لتشكيل فصائل المقاومة التي حاربت قوات صالح خلال انتفاضة عام 2011.[9]
يهيمن حزب الإصلاح الآن بشكل كبير على المؤسسة العسكرية والأمنية في تعز. بدأ حزب الإصلاح، الذي ازداد تركيزه على أولوياته، بالنظر إلى قوات طارق صالح كتهديد لسيطرته على المحافظة- تهديدًا قد يكون أخطر من ذلك الذي يمثله الحوثيون.[10] طارق صالح مدعوم من الإمارات التي تسعى إلى إضعاف الدور الذي يمكن أن يلعبه حزب الإصلاح في اليمن. كما تدعم الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي -وهو عدو آخر للإصلاح- كجزء من استراتيجيتها الإقليمية الأوسع نطاقًا القائمة على دعم الجماعات المحلية لإضعاف الجماعات المحسوبة على الإخوان المسلمين.
■ توسع الإصلاح العسكري
توجه حزب الإصلاح عام 2019 نحو تثبيت هيمنته العسكرية والسياسية في تعز بهدف مواجهة التحديات المحتملة التي تمثلها الجماعات المدعومة من الإمارات. بدأ الحزب بفعل ذلك في المناطق الواقعة خارج سيطرة جماعة الحوثيين في مدينة تعز حيث أُجبرت كتائب أبو العباس على مغادرتها مطلع أبريل/نيسان 2019 بعد أشهر من القتال.[11] كانت هذه الكتائب، المسماة على اسم زعيمها السلفي، تسيطر على معظم المدينة القديمة والأجزاء الشرقية من تعز.
في منتصف عام 2020، وسع الإصلاح تدريجيًّا سيطرته على أجزاء جنوبية من تعز تعتبر خارج المناطق التقليدية الداعمة له في المحافظة، بما فيها منطقة الحجرية.[12] شمل هذا التوسع اشتباكات مع اللواء 35 مدرع، الذي تمرد الكثير من أفراده على تعيين عبدالرحمن الشمساني، الموالي للإصلاح، خلفًا للحمادي في يوليو/تموز 2020 بمرسوم جمهوري. لطالما اُعتبر اللواء 35 مدرع، المدعوم من الإمارات، متحالفًا مع القوات المحلية ذات الميول اليسارية المحسوبتين على الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري التي أرادت الحفاظ على استقلاليتها عن حزب الإصلاح بعد اغتيال الحمادي في ديسمبر/كانون الأول 2019.
استعرت الاشتباكات، التي بُررت على أنها جزء من الجهود الرامية لبسط سلطة الدولة على المناطق التي لا يسيطر عليها الحوثيون،[13] خلال صيف 2020 في مناطق مثل التربة والمعافر والمواسط والشمايتين، معاقل اللواء 35 مدرع. بحلول أغسطس/آب 2020، نجحت قوات محور تعز العسكري في إخضاع المتمردين في اللواء 35 مدرع، بعد ارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان مثل قتل أصيل عبدالحكيم الجبزي، نجل رئيس عمليات اللواء 35 مدرع، في أغسطس/آب 2020.[14]
ومع ترسيخ سيطرته على الهياكل العسكرية الرسمية في تعز، اتجه الإصلاح نحو تشكيل هيكل موازي غير رسمي عبر تشكيل وحدات عسكرية غير نظامية ومعسكرات تدريب في جنوب تعز، على المنطقة الحدودية مع لحج. اختُيرت هذه المنطقة الأخيرة نظرًا لتضاريسها الريفية، ومسافتها المطمئنة من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وقربها من جنوب اليمن وساحل البحر الأحمر.
كان حمود المخلافي -الشيخ القبلي الموجود في تركيا منذ أن نُفي من اليمن عام 2016 بأمر من الإمارات- القوة الدافعة وراء تشكيل معسكر يفرس التدريبي في مديرية جبل حبشي أواخر 2019. درّب حوالي 2,000 مقاتل، غالبيتهم جُندوا من داخل مدينة تعز في هذا المعسكر، وحصلوا على مرتبات شهرية منتظمة قيمتها 60 ألف ريال يمني، أي ما يعادل رواتب القوات العسكرية الحكومية.[15] لا يزال مصدر تمويل معسكر يفرس وغيره من المعسكرات التدريبية غير النظامية غير واضح. وبشكل عام، اتهم خصوم الإصلاح الدوحة ومسقط بتوفير هذا التمويل نظرًا لأن كلا الدولتين حاولتا خلال النزاع القائم توفير الدعم سرًا إلى وكلاء يمنيين محليين لمواجهة خصومهما الإقليميين السعودية والإمارات.
بعد تشكيل معسكر يفرس التدريبي، استُحدث ثلاثة معسكرات تدريبية جديدة، الأول في منطقة راسن بمديرية الشمايتين، والآخر في منطقة الصنة بمديرية المعافر، والثالث في منطقة الفوادع بمديرية المواسط. وبهدف تعزيز الارتباط بين هذه المعسكرات والمناطق التي شُكلت فيها، عُيّن أفراد تابعين لحزب الإصلاح من البلدات نفسها لقيادات القوات غير النظامية عقب انتهاء التدريب.[16] ولكن بعد الشكاوى المتكررة للسكان المحليين من مخاطر هذه المعسكرات نظرًا لقربهم منها، بدأ أتباع المخلافي في أكتوبر/تشرين الأول 2020 بنشر القوات غير النظامية في مناطق على الحدود بين محافظتي تعز ولحج، مثل طور الباحة ومعبق وجبال إرف.[17]
تزامن نشر هذه القوات في المناطق الحدودية بين تعز ولحج مع إعلان تشكيل محور طور الباحة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وسُمي على اسم المديرية الواقعة في لحج والمحاذية لتعز. اسم المحور يعطي انطباعًا خاطئًا بأنه كيان عسكري رسمي تابع للحكومة اليمنية، الأمر الذي تعزز نظرًا لأن قائد المحور هو أبو بكر الجبولي، الذي يقود اللواء الرابع مشاة جبلي منذ 2016. حاول الجبولي فرض المعسكر غير النظامي كواقع على الأرض حيث دمجه مع اللواء الرابع مشاة جبلي المتمركز في مديرية المقاطرة بلحج. ولكن في الواقع لم يصدر الرئيس هادي قرارًا رسميًّا لإنشاء محور طور الباحة أو لتعيين قادة ألويته. عيّن الجبولي، الذي يُعد مواليًّا للإصلاح،[18] عسكريين موالين للحزب[19] في قيادة الألوية غير النظامية المشكلة حديثًا.[20]
وعلى الرغم من أن تعداد قوات المحور لا يتجاوز 5 آلاف مقاتل حتى اليوم،[21] إلا أن نشاط المحور أثار ريبة خصوم الإصلاح. ففي مطلع فبراير/شباط 2021، دشن محور طور الباحة رسميًّا ما قال إنها “المرحلة الأولى من العام التدريبي 2021، القتالي والعملياتي” وذلك عبر عرض عسكري في طور الباحة. فاقم هذا العرض شكوك المجلس الانتقالي الجنوبي بأن الإصلاح يخطط للتحرك ضد عدن.[22] يسعى الجبولي إلى زيادة عدد أفراد محور طور الباحة حيث إنه مستمر في تدريب مجندين جدد.[23] كما يسعى إلى توسيع المحور من مركز الكمب في وادي الحُمر في منطقة معبق بمديرية المقاطرة في محافظة لحج إلى المناطق التي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي في مناطق أخرى بالمحافظة في محاولة لتحدي الجماعة الانفصالية.[24]
هذا التحشيد لقوات محور طور الباحة وعدم وضوح أهدافه أثار شكوكًا بأن الفصائل الموالية لحزب الإصلاح في تعز تسعى لتأمين منافذ تهريب السلاح عبر ساحل لحج،[25] وأن الهدف منها قد يكون التمهيد للتوغل نحو ساحل البحر الأحمر عبر مناطق العلقمة ومديريتي الكدحة والوازعية والتي تقع جميعها جنوب غربي محافظة تعز. ومن شأن هذا التوغل أن يؤدي إلى نشوب نزاع بين القوات الموالية للإصلاح والجماعات المدعومة من السعودية والإمارات للسيطرة على هذه المناطق.
ولكي تشكل خطرًا حقيقيًّا على قوات طارق صالح أو المجلس الانتقالي الجنوبي، على القوات غير النظامية التابعة للإصلاح أن تعزز أسلحتها إذ أنها لا تمتلك ترسانة كبيرة من السلاح الثقيل حاليًّا. اقتصرت ترسانتها في مارس/آذار 2021 على مدرعتين ومنصة صواريخ كاتيوشا، ومركبات دفع رباعي تحمل مدافع رشاشة من طراز 14.7 و23، وقذائف بي 10 وآر بي جي وبنادق من طراز M-4. حصلت القوات على معظم هذه الأسلحة من اللواء الرابع مشاة. وخلال هذا الوقت تقريبًا، أمّن المخلافي كميات كبيرة من السلاح الخفيف والمتوسط من أسواق سلاح محلية في جنوب اليمن وعبر شحنات مهربة من الخارج عبر محافظة المهرة.[26] زعم الجبولي في يوليو/تموز أن محور طور الباحة سيُدمج قريبًا بشكل رسمي في المؤسسة العسكرية التابعة للحكومة اليمنية وأن قواته ستحصل على سلاح ورواتب من الحكومة.[27]
نجحت الأموال التي أغدقها المخلافي على مشائخ وقيادات عسكرية في مناطق الصبيحة وطور الباحة بمحافظة لحج في المساهمة بتأمين مرور الأسلحة والمعدات المهربة إلى المنطقة لصالح الوحدات غير النظامية، والتي تشمل أكثر من 70 مركبة دفع رباعي حديثة عبرت مؤخرًا بشكل سلس برًا من الحدود العُمانية وصولًا إلى ريف الحجرية ومدينة تعز دون أن يعترضها أحد.[28] تضم الأسلحة الحديثة التي هُربت عبر هذا الطريق صواريخ حرارية وبنادق قناصة حديثة وطائرات تجسس مسيّرة. تفتقر مخازن الإصلاح بشكل عام إلى هذا النوع من الأسلحة حيث إن مخازنها مكدسة بكميات كبيرة من الأسلحة التقليدية مثل بندقيات الكلاشنكوف وقذائف الآر بي جي.[29]
■ مواجهات وشيكة مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وطارق صالح
نظرًا لقرب المسافة بين فصائل محور طور الباحة وقوات المجلس الانتقالي (حوالي 2.5 كيلومترًا في معبق)، من المحتمل أن تتصاعد التوترات وتطور إلى نزاع مسلح. أما في محافظة أبين، تفصل ألوية العمالقة، التي تعتبرها جميع الأطراف قوة محايدة، بين القوى المتنافسة.[30]
انتشرت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في طور الباحة في محاولة استباقية لمنع القوات التابعة للإصلاح من التوسع أكثر في لحج.[31] تعود هذه المخاوف من توسع الإصلاح في المحافظة إلى جهود فصائل محور طور الباحة العسكري أوائل عام 2021 لشق طرق جديدة وإقامة مواقع عسكرية في المنطقة ونقل مقاتلين من الجبهات مع الحوثيين في مديرية حيفان بتعز إلى طور الباحة. ونتيجة إعادة نشر المزيد من المقاتلين من تعز، اتهم زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي الإصلاح في فبراير/شباط بحرف المعركة ضد الحوثيين عن مسارها في محافظة تعز والسعي إلى فتح معركة جديدة ضد “الجنوب”.[32] ولم يرد حزب الإصلاح على هذه الاتهامات.
يُعد الوضع في محافظة أبين أهم مؤشر على ما إذا كانت الاشتباكات قد تندلع بين محور طور الباحة والمجلس الانتقالي الجنوبي. وعلى الرغم من أن التنفيذ الجزئي للشق العسكري من اتفاق الرياض أدى إلى وقف القتال بين قوات الحكومة وقوات المجلس الانتقالي في المحافظات الجنوبية في ديسمبر/كانون الأول 2020،[33] فإن الهدنة التي أعقبت ذلك كانت في الواقع هشة. وفي حال صمد وقف إطلاق النار، وبقيت حكومة الوحدة المُمَثل فيها المجلس الانتقالي، فإن اندلاع القتال المباشر بين محور طور الباحة وقوات المجلس أمر غير محتمل، على الأقل في الوقت الراهن.
أما السيناريو الآخر قد يكون توجه القوات الموالية للإصلاح صوب مديرية المخا على ساحل البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة قوات طارق صالح، المدعومة من الإمارات. في أواخر عام 2020، قال سالم، قائد الجناح العسكري للإصلاح في تعز، في تسجيل مسرب، “المخا لنا”. هذا الكلام ليس تهديدًا ضمنيًّا ضد قوات طارق صالح فقط، بل هو تصريح واضح بأن المدينة الساحلية يجب أن تكون تحت إدارة سلطة تعز المحلية. يؤمن أنصار الإصلاح أن المخا تستخدم كقاعدة لخدمة استراتيجية إماراتية تهدف إلى فصل المخا عن تعز وخلق منطقة حكم ذاتي. على الورق، تبدو المسافة من طور الباحة إلى المخا أبعد منها إلى عدن. ولكن سيكون عبور الطريق غربًا نحو المخا سهلًا على القوات التابعة للإصلاح بعد شرائها ولاءات الزعماء القبليين في المنطقة.[34]
ومع ذلك، لا يزال من غير المحتمل أن يحصل أي تقدم نحو ساحل البحر الأحمر على المدى القصير. وطبقًا لمصدر عسكري مطّلع على سير عملية تجنيد المقاتلين، فإن عملية تدريب مجندين جدد لا زالت مستمرة، حيث استُحدث معسكر تدريبي جديد في المعهد العالي للمعلمين سابقًا بمنطقة عصيفرة، وسط مدينة تعز، أوائل 2021، بينما يُدرب مقاتلون آخرون في محافظة مأرب.[35]
تساور قوات طارق صالح الشكوك أن هجوم محور تعز العسكري في مارس/آذار 2021 ضد الحوثيين غربي تعز كان مقدمة للتحرك ضدهم على ساحل البحر الأحمر.[36] في البداية، نجحت قوات محور تعز العسكري في إحراز مكاسب ضد الحوثيين في الكدحة والوازعية غربي تعز، ولكن سرعان ما ساد الهجوم حالة من الجمود. وفي حين رأى بعض الموالين للحكومة أن الهجوم ضد الحوثيين يمثل فرصة لإعادة توحيد القوات المناهضة للحوثيين وإنهاء الحصار الجزئي على مدينة تعز،[37] إلا أن قوات طارق صالح كانت قلقة من أي تقدم للقوات الحكومية في تعز، حتى لو كان هذا التقدم لمواجهة الحوثيين، كون حزب الإصلاح يهيمن على محور تعز العسكري.
■ مخاوف المدنيين والتداعيات السياسية
تعد محافظة تعز موطنًا لمجموعة متنوعة من الأحزاب السياسية التي أجمع الكثير منها على أهمية منع تصاعد العنف والأضرار المرتبطة به على المدنيين. نادت أحزاب مثل الحزب اليمني الاشتراكي والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري بسرعة حل الميليشيات التي تعمل خارج إطار المؤسسة العسكرية، وإخلاء القوات العسكرية من المنشآت العامة والخاصة التي جرى تحويلها إلى قواعد عسكرية ونقل الثكنات والألوية بعيدًا عن المناطق المكتظة بالسكان.[38] أصدر عدد من الأحزاب التي تدعم الحكومة اليمنية، من بينها المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وحزب الرشاد السلفي، بيانًا في ديسمبر/كانون الأول 2020 أعلنوا فيه رفضهم تحشيد المقاتلين في يفرس.[39]
ولكن، الموافقة على هذه الدعوات تعني أن جناح حزب الإصلاح العسكري سيخسر أفضليته الحالية في تعز، وبالتالي من غير المرجح أن يستجيب الإصلاح لهذه الدعوات. حل الميليشيات غير النظامية التابعة له، وإعادة تشكيل الجيش بأي شكل، وانسحاب القوات العسكرية من المناطق الحضرية سيضعف نفوذ حزب الإصلاح على الأرض في تعز. وبالتالي، يبدو أن الإصلاح يسير في اتجاه معاكس إذ أن التهديدات الجديدة، سواءً محلية أو إقليمية، تدفع به إلى مضاعفة جهود تجنيد المزيد من المقاتلين في صفوفه وتوسيع نطاق سيطرته في المحافظة. لا يزال هناك خوف عام من أن معارضي الإصلاح قد يتحدون ضده، لا سيما في ضوء التهديد الذي يشكله الحوثيون على مأرب، مركز القوة الآخر للإصلاح في اليمن.
ومع أن حزب الإصلاح لا يزال أكثر لاعب بارز في التحالف المناهض للحوثيين، فإن الدعم الإقليمي لخصومه يزيد من الشك من أن هناك تحركات تُحضّر ضده. جاءت التقارير في مايو/أيار 2021 عن إنشاء الإمارات قاعدة عسكرية في جزيرة ميون، المحاذية لمضيق باب المندب الاستراتيجي، لتزيد من هذه المخاوف. كما أن تأكيد طارق صالح أن قواته موجودة أيضًا على الجزيرة تبرر هذه المخاوف أكثر. وردًا على ذلك، تبنى حزب الإصلاح سردية شعبوية ووطنية تصوّر وجود الإمارات على الجزيرة قضية سيادية ومثال آخر على جهود الإمارات للسيطرة على أراضٍ يمنية.[40]
أما التجار والمدنيون داخل مدينة تعز، فهم يخشون من أن أي تصعيد عسكري بين الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي قد يؤثر على طريق الإمداد الوحيد للمواد الغذائية الذي يصل تعز بمدينة عدن، التي يسيطر عليها المجلس. وفي الواقع فإن هذه المخاوف مبررة تحديدًا بسبب رفض المجلس المتكرر السماح بشق طريق جديد كبديل لطريق هيجة العبد المتهالك والذي يمتد من بني عمر في الحجرية إلى الصبيحة في لحج. يرفض المجلس شق طريق جديد لأنه يعتبر ذلك محاولة من الإصلاح لتوسيع مناطق سيطرته.[41]
يستمر المدنيون في تعز بدفع ثمن ضعف الدولة اليمنية وما نتج عنه من تمكين للجماعات المحلية المسلحة خلال النزاع. هذا الأمر حول تعز إلى مرتع للنشاط الإجرامي والاستيلاء غير القانوني على الأراضي في الوقت الذي ازداد فيه ابتزاز المدنيين من قِبل الجماعات المسلحة. على سبيل المثال في 10 أغسطس/آب، هاجم أفراد من اللواء 170 التابع لمحور تعز العسكري مدنيين حاولوا منعهم من الاستيلاء على أراضيهم، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص، بينهم خمسة مدنيين من عائلة واحدة.[42] وعلى الرغم من تقديم أعضاء في البرلمان اليمني شكوى رسمية، من المتوقع أن يستمر أفراد محور تعز العسكري والميليشيات غير النظامية على ممارسة هذه الأفعال في ظل إفلاتهم من العقاب.