أحمد طه المعبقي
عسكرة الحياة السياسية والمدنية في تعز، يعني سقوط آخر قلاع المجتمع المدني في اليمن ،وتدمير المجتمع المدني، يعني نهاية الأحزاب السياسية ، ووسائل النضال السلمي، وإلغاء الهامش الديمقراطي الذي يعتبر أهم منجز حققه الشعب اليمني في تسعينيات القرن الماضي.
نستطيع القول عندما يدمر المجتمع المدني، يصبح الحزب السياسي هو المؤسسة العسكرية والأمنية ، والمؤسسة العسكرية والأمنية هي الحزب الحاكم والوحيد ، في نفس الوقت تتحول المؤسسات التعليمية والثقافية والابداعية إلى ثكنات عسكرية ومعتقلات لأصحاب الرآي الفكر، ويصبح من الصعب الفصل بين المؤسسة العسكرية والمؤسسة المدنية ، ويصل التشابه بين المؤسستين إلى حد تطابقهما شكلا ومضمونا.
عموماً استوقفتني مقولة للرئيس الوزاء السابق عبدالقادر باجمال يبرر فيها للفساد الذي حصل في عهده ويقرن الفساد بالتنمية ، قائلا ” الفساد ملح التنمية ” هذه المقولة تذكرني لما هو حاصل اليوم ، فلم يعد الفساد ملح التنمية ، بل صار الفساد ملح لزيادة ارصدة تجارالحروب ، وقتل الإنسان ، وتدميرللبنية التحتية ، كذلك صارت العسكرة ملح أبيض مدمر للمجتمع المدني، مثلما يدمر الملح الأبيض حياة الإنسان وصحته.
على أية حالٍ عندما نكتب عن تعز، لا نكتب عن تعز كجغرافيا، بل نكتب عن مجتمع مدني يمثل وجه مشرق لليمن ، إدراكا منا بإن المجتمع المدني هو الركيزة الأساسية للدولة ، واستعادة الدولة من الفوضى، لا يأتي إلا بحامل مدني.
لذا يتوجب أن ندرك بإن تعز ظلت ذات أهمية بالنسبة للخارطة السياسية اليمنية، ليست بعدد سكانها ، أو بكثرة أفرادها الملتحقين في صفوف الجيش مؤخراً، وإنما تكمن أهميتها بمدنيتها وبمشروعها المدني الذي يتعرض اليوم للتدمير ممنهج.