بقلم/محمد الصُّهباني: قائد غيلان، ناقد أكاديمي يمني كبير، يعيش في بلاد ليست فيها مكتبات عامة للتشجيع على القراءة والتثقيف.
ولو كانت هناك أنظمة حاكمة تحترم حقوق الإنسان لأصبحت مدن اليمن ومناطقها تعجُّ بالمكتبات العامة، أسوة ببلدان المغرب العربي، مثلاً.
ولهذا أصبح مستوى الوعي بأهمية وجود حركة أدبية، ونقدية يمنية محترمة، يكاد منعدماً، نتيجة لسياسات الجهل والتجهيل التي أنتهجها النظام السابق، في تدمير جيلين لم يعرف طريقهما إلى المستقبل بعد.
جيلان لا يزالان يدافعان عن الماضي بكل قواه العقلية، فكيف له أن يستوعب حرية النقد الأدبي، وجمالية الفن التشكيلي، خصوصاً، في وقت ونسبة كبيرة من فئات عمرية تتمترس بأسلحتها المختلفة خلف “m شيخ”، ومسؤول معتوه، رضع الفساد أكثر من ثلاثة عقود.
نتساءل: هل كلّ من تعرض للنقد يُعَدُّ تقليلاً من إبداعاته؟ كلا. بل نعتقد أنه على الناقد أن يحرك مالا يعلمه الآخرون في عيوب المبدع، ويكفي فلسفة، ووحشية متخلفة في التلقي؟.
والمضحك هناك وزير سابق قال: “إن هناك ألف مدرسة في الفن التشكيلي”، ولم يناقش ما إذا كانت هناك عيوب في لوحة الفنان عدنان جمن، أم لا؟.
وذهب إلى استدعاء مبررات دفاعه عن اللوحة، باتهام غيلان بـ”الإمامي”، معتقداً أنه قد انتصر للفنان جمن، ولعشاق الفن التشكيلي.
وكل ما في الأمر أن غيلان ـ وهو ناقد أكاديمي ومثير للجدل- انتقد لوحة فنية، ولم يقل في صاحبها إنه ليس فناناً، أو يقلّل من مكانته، فأقاموا الدنيا “ترند” ولم يقعدوها عليه.
ولعلَّ الكثيرون أصبحوا يجهلون سيرته الأدبية والأكاديمية، كناقد كبير، وإسهاماته المتعددة في نقد الأعمال الأدبية والفنية محليًا وعربًيا، ومؤهلاته، وأبحاثه العلمية، ومؤلفاته، وإنجازاته.
ما جعل هؤلاء يحشرون أنوفهم بين الكبار لتصفية حسابات قذرة لا علاقة لها بالانتصار للفن التشكيلي، بقدر ماهو إذكاء ساحة وسائل التواصل الاجتماعي، بالغباء والتخلف.
لاسيما أن هناك جهلاً واسعاً بأهمية النقد الأدبي، فما بالكم بالنقد التشكيلي، وصرنا أمام جمهور يمني غير واعٍ للنقد، ويعتبره طعناً في “المحرَّمات”.
ولو سألت مثقفاً، وليس جاهلاً، فحسب، ماذا يعرف عن عدد المدارس التشكيلية؟، وعن تقنية الرسم، مثلاً: “بنيون”، وتقنية استخدام “سكاكين الرسم”، والرسم “اللولبي”، و”الكرستالية”، وتقنية الرسم بـ”الحبر الجاف”، وبـ”المانجا”، و”الفرشاة الجافة”، والرسم بـ”السكين، والتقطير”، أو “التنقيط”، وبـ”القلم الرصاص”، فلن تجد من يفهم هذه التقنيات إلا عدد لا يتعدى أصابع اليد، أو أقل، ربما.
ولاريب في أن هؤلاء المشوهين ذهنياً، قالوا في شخص “غيلان” ما يخجل المرء من سرد تفاهات لا تمت بصلة _ لا من قريب ولا زمن بعيد_ لتناولاته الناقدة.
وصار أغلب المعلقين يفتحون مواضيع جانبية، ويهاجمونه بجهل ووقاحة فقط، لسبب بسيط، أنهم لاعلاقة لهم بأدب الكبار، لا منطق لهم، ولاحجة، ولا أهلية في الوقوف أمام الكبار.
نعم، لأنهم أقزام الكلمة المشوهة خلقياً، وهذا ديدنهم، وسيظلون أقزاماً، والكبار كبار.
ولو كانوا يمتلكون ذرة من “أدب الرد”، لما وصلوا إلى حالة الإفلاس الأخلاقي، دفاعاً عن رموز فنية، وأدبية، بألفاظ سوقية.
العام الماضي، انتقد الدكتور غيلان، الفنان الكبير أيوب طارش، في عمل أجمع كثيرون على رداءته، وهذا لايعني في الأمر استهدافاً شخصياً له، والدليل أن الرجل، ظل فيما بعد ينشر أعمالاً رائعة للفنان أيوب.
وأجزم أن غيلان، ليس لديه أي مشكلة، إذا ما انتقد عملاً أدبياً، ذات “طابع شخصي” وسترونه _ ربما_ ينشر لوحات فنية لجمن، لاعتقاده أن أي فنان شهير _كائناً من كان_ ليس مقدساً عن النقد.