حسن العديني: الشيء المهم كتب على الهامش وليس في المتن، هنا في المتن وتحت أعين الكاميرا كان الضجيج والثرثرات والمدائح.
وهناك على الهامش بدون كاميرا ولاضجيج كلمات قليلة حازمة وصارمة تلزم بتوقيع على ورقة أزاحت الكابوس الجاثم على ظهر اليمن منذ أربعة عقود ونصف.
على أن ذلك ظاهر الأشياء وأما الحقيقة فهي على العكس، والذين انتظروا ماسيندى من ثرثرات القاعات لم يغب عن خاطرهم أن المخرج جالس هناك في القصر وما لم يكن في الحسبان أنه لن ينطق بألسنتهم وسيخرجها من مكتبه في السحور قبل الفجر.
ولقد استنكر البعض وفيهم من صرخ: لماذا وقع التغيير في الرياض وليس في صنعاء أوعدن ؟
وليست المسألة جوهرية في واقع الأمر، فكل التغييرات والانقلابات التي شهدتها اليمن على مدار ستين سنة أوتزيد كانت صناعة خارجية واكثرها صناعة سعودية .
ولا جديد غير أن الغطاء مهرجان في الجوار والثمن قبضه المستهدفون حتى لا أقول ضحايا وجناة حيث كان هؤلاء الأخيرون يحصلون على الأجر.
الجديد أن غمة كبيرة انزاحت وأن كابوساً انقشع، علي محسن صاحب الوجه الكئيب ما الذي يملكه هذا الرجل من مواهب حتى يكتم على أنفاسنا كل هذا الدهر.
كنت لا أزال طالباً في الجامعة عندما ظهر اسمه في قاموس السياسة والإدارة والآن اقترب من مشارف السبعين ونفر كبير من جيلي تخطفه الموت بينما لم يزل الرجل ينهش لحوم اليمنيين حتى العظم..
بدأ علي محسن الصعود من مقتل ابراهيم الحمدي حيث دوره الذي تعزز بتوليه دفن قادة حركة 15 اكتوبر أحياء مجتمعين في حفرة أعدها لهم بساحة ملحقة بمقر اللواء الأول مدرع الفرقة الأولى فيما بعد.
(في مقال كتبته قبل سنوات لصحيفة الجمهورية التعزية تساءلت عما إذا كان علي محسن سيكشف لقيادة التنظيم الناصري حلفاء الأخوان حزبه بمكان دفن عيسى محمد سيف ورفاقه).
ولقد انفتحت شهوة الرجل للدم وولغ فيه وشرب من الدماء في أحداث المناطق الوسطى دون أن يرتوي، ثم تابع القتل واغتراف الدم في أعقاب 22 مايو 1990 في العمليات الشهيرة التي شكلت إحدى علامات انقسام طرفي الوحدة ومهدت لحرب 1994.
وعلى ارتباطه الحزبي بجماعة الإخوان المسلمين فقد تولى رعاية تنظيم القاعدة ومنظمات إرهابية متعددة كتنظيم عدن أبين وغيره.
ولم تنحصر شهرة علي محسن كسلطان للقتل وإنما بجانب ذلك كسيد للعبث والفساد والنهب.
السيرة حافلة والبيان لايتسع له المقال.. وإنما المهم أن علي محسن نصب واحتال على أسياده في الرياض خلال الحرب الأخيرة وابتزهم بالأموال والسلاح لبناء جيش وهمي لم يتقن سوى الهزيمة.
ذلك اضطرهم أن يقلعوه من مكانه فوق كرسي الحكم بعد أن دفعوا له مكافأة نهاية خدمة جزيلة.
لقد تخلصوا منه وخلصونا.
لكن بعد إيش؟