بشرى العنسي
الحديث عن ثورة فبراير يحتاج منا أن نضع أنفسنا خارج المشهد وننظر لها بمعزل عن التحيز لها أو ضدها لنكون موضوعيين في طرحنا عند الحديث عنها ، ولايكون الأمر مقتصراً على الدفاع المستميت عنها وعن مبادئها من قبل الذين قاموا بها والمؤيدين لها أو مهاجمتها من قبل المعارضين لها دون الإستناد على شواهد تكشف جوانب القصور فيها .. فلا يجب أن يكون الأمر مجرد مناكفات والسلام وتحقيق انتصارات وهمية على بعضنا.
نحن كأشخاص نبدي مواقفنا وآرائنا كشيء يشبه وضعها أمام المحاكمة العامة حسب الوضع العام والمشهد الموجود أمامنا فلا أهمية لآرائنا حين تكشف الأحداث والحقائق عن تلك الجوانب التي تثير الجدل حولها في كل مرة تتجدد أحياء ذكراها ..
الخروج للثورة ضد نظام حكم يتطلب قبله أن توضع برامج بديلة له بعد سقوطه بحيث يتحقق أول هدف من أهدافها بنقلة نوعية سلسة للحكم وبحيث يكون البرنامج البديل مناسب لطبيعة الشعب اليمني المتنوعة والمختلفة من كل النواحي .
إلى جانب ذلك فثورة فبراير كانت بحاجة إلى تصحيح مسارها الذي خرجت عنه أقصد تلك التطلعات النبيلة لشبابها المغرر بهم الذين يحلمون بجمهورية مدنية حديثة ووطن يلم شتات أحلامهم فيه لكنها انحرفت وخرجت عن مسارها وتحولت أو كان مخطط لها منذ البداية بجعلها سبب لركوب موجة تتحقق من خلالها مطامع ومصالح أحزاب وقوى سياسية لاهم لديها سوى انتزاع السلطة والاستحواذ عليها ووجدوا في طموحات الشباب وتطلعاتهم درعاً مناسبا لمواجهة أي خطر وصعوبات قد تعترض طريقهم إليها وهم يعرفون النتائج وهم أنفسهم من قادوها إلى الفشل حين تحققت لهم الغايات وكانت أولها أن يسقط النظام وعندما سقط عجزوا عن إقامة وطن للشعب اليمني مجدداً وعجزوا عن تأمين حياة كريمة لهم ولاذوا بانفسهم وبأسرهم بما غنموا من الوطن الى الخارج ليمارسوا التنظير والمزايدات على الشعب متناسين تضحيات الشباب الذين سفكت دمائهم غدراً ودون وجه حق ..
لكل ثورة انتكاسة وثورة فبراير كانت انتكاستها بعدم اكتمالها وخروجها عن المسار وضعفها أمام الثورات المضادة التي أطفأتها باكراً وبسهولة لأن الأرض التي كان يقف عليها شبابها وبنيت وقامت عليها ثورتهم لم تكن متينة وثابته وهكذا هي الثورات على مدى التاريخ تقاس بنتائجها وليس بدوافعها وكلنا نعرف ماهي نتائج ثورة فبراير وانعكاساتها على البلاد والشعب فهي لم تكن مدروسة بحيث تسد الثغرات من كل النواحي ومن الطبيعي أن تواجه الثورات بثورات مضادة أو معارضة على الأقل لكن شبابها لم يعدوا أنفسهم لها جيداً فكان سهلاً على المتلاعبين بها ضربهم بها ودفن مطالبهم تحت أرضها الهشة ، وبدلاً من المكابرة والإستسلام كان لازاماً عليهم أن يصححوا مسارها فلا خروج دون تضحيات ولا خروج دون توقع الأسوأ من الإحتمالات وبناءً على ذلك يكون مقدار الصمود والإستمرار حتى بلوغ النجاح ،
ولنكن منصفين إن كنا لابد سنحاكم فالجميع مشترك بما آلت إليه الأمور بداية ممن خرجوا ثائرين دون دراسة واضحة وبرامج بديلة واستسلامهم والسماح بسلب الثورة منهم وحرف مسارها ، إلى قادتها الذين استغلوا موجتها للركوب عليها والوصل بها إلى مطامع وأهداف مخطط لها واستغلالها بشكل بشع.
وبما أن هذه المحاكمة كما هو الأمر بإحياء ذكراها والاحتفال بها كل عام والذي من شانه أن لا يزيد الأمر سوى تعقيداً ويرفع معدل المكايدات ويزيد من التفرقة والاختلاف فلن يخرجنا هذا ولن يخرج الوطن إلى طريق فيه تسوية مرضية خصوصاً في المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا فما علينا الآن سوى الدعوة إلى توحيد الكلمة والصف الكف عن التراشق بالاتهمات فيما بيننا والاتفاق على النظر للحاضر والمستقبل ومحاولة معالجته والخروج بحلول تصلح الخراب الذي حل بنا مع اعتراف بالخطأ من كل الأطراف وخصوصاً بعد اتضاح الأمور وتفاصيل المشهد الذي يحتاج منا تكاتف ضد كل تدخلات خارجية في شئوون بلادنا وعكس قضية بلادنا للعالم بالشكل الذي ينبغي أن يكون فبسبب التفرقة التي نحن فيها بات العالم يظن بأن اليمن يمر بأزمة وسلسلة حروب أهلية بسبب الأحزاب والجماعات والطوائف الدينية وغيرها..
وللعلم بالنسبة لي كنت وقتها مازلت طالبة جامعية أحلم كبقية الشباب بوطن أفضل وغد أجمل لكن في أعماقي كان يساورني شعور بأن هناك خطأ ما في الأمر هناك ثمة أمور غير صحيحة ، حتى قادتنا الأحداث ومجرياتها إلى هذه النتائج
واليوم نحن مسلوبون الحق والإرادة والكرامة أليس هذا ما جعل الشباب يثور حينها..!!
اليوم نحن بلا دولة ولا وطن ولا سبل للعيش الكريم ، فهل من انتفاضة فكرية ووعي حقيقي يرفع عن الظلم والقهر سلطته عن الشعب والوطن ويجعل الشعب يحرر نفسه بنفسه بمواجهة شجاعة مع المتسببين بهذا الوضع بكل السبل والطرق المشروعة ويقودنا إلى وعي بما نحن فيه فنسعى للإصلاح..!!ما أحوجنا اليوم لأن نكون منصفين لبعضنا متسامحين فيما مضى حازمين في ماهو آت غير متهاونين مع كل من يريد العبث بإرادتنا أكثر .. فهل لنا ذلك وهل سننال العز والمجد والكرامة بعد سنين حرب نعرف جيداً المستفيدين منها !!
نحن فقط من نقرر ذلك إن كنا نريد ذلك بالفعل !!
لثورة فبراير ومبادئها شهداء ومواجع ، ولأخطائها شعب ووطن شهيد بذل في سبيل ذلك الخطأ أضعاف مضاعفة ،،،