شارع تعز – محمد النمر
روح الإنسانيةُ والضمير لم ينقطع بعد حكايةٌ مأساوية تذرف لها العين دموعاً وتسقط القلب خشوعا.
إنها مأساة الطفل “محمد” الذي ألقته عائلتهُ في إحدى شوارع تعز شريداً يتجرعُ قسوة الجوع ومرض الإعاقة الذي يعانيه.
كان محمد مرمياً في قارعة الشارع في سن لا يعرف معها التخوم التي يستند عليها في هذه الحياة المريرة.
لم يكن الجميع يعرف كم الفترة التي قضاها محمد تحت حرارة الشمس التي تلفح جسده، في وقتٍ كانت الشرطة قد أقبلت إلى الشارع فوجدت محمد مرمياً يلتحف الأتربة والغبار وجهه وهو في حالة يرثى لها.
محمد يعاني الذي يعاني من إعاقة جسدية، أسعفته شرطة المدينة إلى مستشفى السويدي بتعز.
تحدث الجميع عن العائلة المتجردة من كل معاني الأخلاق والإنسانية التي رمت بروحٍ بريئةٍ كروح محمد في العراء.
تساءلوا عن الشخص الذي سيتكفل بهذا الطفل، فجأةً حضر ضمير الإنسانية عند أم أسيل العاملة في هذا المشفى فتقدمت بمبادرة أنها ستتكفل بكل شيء يخص هذا الطفل .. لقد كان روح الإنسانية سباقاً في الحكاية.
يقول أحد الكوادر الطبية والذي أستقبل محمد “الطفل محمد كان في غيبوبة تامة يعاني من فقدان الذاكرة ويعاني من سوء تغذية حادة وإعاقة حركية وعنده ضمور في الدماغ” وهذا ما شدّ أم أسيل إلى الإعتناء به.
أسيل الطالبة المستجدة في كلية الإعلام تحدثت “الطفل أعتبره أخا لي واصطحبه معي كل يوم إلى الكلية كونه لا يوجد أحد في البيت سوى أنا وأمي، فأمي تذهب إلى العمل وأنا أذهب إلى الكلية فاضطر إلى اصطحابه معي والاعتناء به، حتى يحظى بوقت سعيد وجميل”.
تضيف “الطفل محمد لا يتعب كاهلي قط وسيبقى أخ لي لم تلدهُ أمي وأصبح ثالثنا في كوكب عائلتنا الصغيرة”.
ما قدمته هذه الأسرة كان عظيماً بعظمة هذا الكوكب وسيطبع القصة سطراً من سطور كُتب التاريخ مخلدها في كل إنسانٍ عاش الحكاية.