يعيش مشجعو برشلونة حالة من الصراخ في الفراغ بعد فوز ريال مدريد على اتلتيكو مدريد في مباراة الإياب في دور الـ 16 بضربات الترجيح في المباراة التي جمعتهما يوم أمس الأربعاء.
حالة الصراخ لمشجعي برشلونة على مواقع التواصل الإجتماعي تشكل ظاهرة تستخق القراءة والتحليل النفسي للأسباب التي تجعلهم ينوحون ويولولون كلما حقق ريال مدريد انتصارا.
هذا الغضب البرشلوني ليس فقط ردة فعل على خسارة رياضية، بل هو عَرض لصراع أعمق يتعلق بهوية جماعية مهددة، وذاكرة تاريخية مجروحة، وفشل في التكيُّف مع تحوُّلات موازين القوة، ومواجهته تتطلب فهمًا أنثروبولوجيًّا لجذور الكراهية، واستراتيجيات تعيد تركيز الصراع في حيزه الرياضي البحت، مع تفكيك الأدوات النفسية التي تُحوِّل التنافس إلى حرب وجودية.
وهنا استعرض ثلاثة نماذج لمشجعين برشلونيين كتبوها على حوائطهم عقب فوز ريال مدريد على اتلتيكو والتي من خلالها أجريت حوارا مطولا مع الذكاء الإصطناعي لفهم النفسية المريضة التي يعاني منها مشجو البرشا، وخرجت معه بقراءة تحليلية ونفسية معمقة لهذه القضية التي يعاني منها مشجعو البرشا.
وعلى ضوء هذه النماذج تمكنا من خلالها مقاربة الواقع وقراءة الحالة النفسية لمشجعي برشلونة والطرق المناسبة التي يمكن من خلالها معالجتها.
النموذج الأول ماكتبه الصحفي جمال حسن على حائطه في منصة فيسبوك.
“الغاء ركلة الفاريز فضيحة
اكبر فضيحة بكرة القدم
عادنا شفتها الان ولا فيها شي ولا لمس..
والله لو معه الف بطولة انه فريق التحكيم”
“تخيلوا مش بس الفار اتدخل ايضا اليويفا.. قاده تزوير من اعلى المستويات عاده كنا بنمشي لهم موضوع الفار والحكام 🤣🤣🤣”
“اخواني نويت احج هذا العام
بدعي لحبايبي المدريديين الله يغفر لهم بس
شهود زور وببلاش
عادي وبرجع اشجع ريال مدريد قده يكون غُفر لي ما تأخر وما تقدم واكون شاهد زور زيهم
الحياة بدون معاصي مش حلوة خالص”
النموذج الثاني ما كتبه الصحفي جميل مفرح أيضا على صفحته في فيسبوك
“بعض الناس معاهم أغلى المهاجمين في العالم وF16 و F15 و B52 وما قدروش طوال 120 دقيقة، غير الوقت بدال الضائع، يوصِّلوا لحارس مرمى الاتليتكو حتى قنبلة صوتية واحدة..!! ولولا خطأ فني مشكوك في صحته حصل في ركلة ترجيح لأحد أفراد خصمهم، إنهم خاااارج الحسبة.. يعني تأهل بالدهفة أو بجهود غير جهودهم مثل كثير من حالات فوزهم وتأهلهم سابقاً..!!
أما مليشيات مشجعيهم فعادهم كضاااااك.. فالحين بس في المكابرة والمكايدة وتجهيل وتفنيد كل من ينتقد أداءهم المطين وسلوكهم المزفت، وهم عارفين أكثر من كل الناس أن فريقهم بمستواه في الوقت الراهن ما يستحق يتأهل من الدور الأول في أي بطولة..!!
النموذج الثالث كتبه الناشط وقاص المقطري على منصة فيسبوك يقول فيه:
“جمهور الريال يعرف أن فريقه سيئ ومدربه أسوأ، ولكن الإعلام سحق الروح الرياضية لهذا الجمهور. ولا مرة من المرات نجد مشجعًا رياليًا يمتلك أمانة أو ضميرًا تجعله يتحدث بصدق، ولو من باب الإنصاف للعبة نفسها.
تتكرر الأحداث والنتائج المشبوهة مع هذا النادي دونًا عن بقية الفرق.
ففي هذه النسخة مثلًا، تأهلت سبعة أندية بكرة قدم نزيهة وجديرة بالتأهل، باستثناء شخصية الحكم التي تفرض نفسها أمام مليارات الأعين في العالم.
وعليه، فإن على أرسنال وضع خطة للعب داخل الملعب وأخرى في غرفة الفيديو.
أما لو قابل برشلونة، فبرشلونة جلاده سواء بمساعدة غرفة الفأر أو بدونها.
فشتان بين أول المتأهلين بجدارة وأخر المتأهلين بالغش التحكيمي.”
✍️✍️ القراءة التحليلية والنفسية المعمقة لحالات مشجعي برشلونية عقب كل فوز يحققه ريال مدريد💯💯
1. سيكولوجية الضحية المُستَوطنة (Victimhood Complex) حيث يعيش مشجعو برشلونة في حالة استيطان عقلي لصورة الضحية، والتي يغذِّيها:
– الاستثمار في “الظلم المزمن” وتُبنى الهوية الجماعية على فكرة أن العالم (تحكيميًّا، إعلاميًّا، سياسيًّا) مُتحالف ضدهم. مثال: تعليق الناشط وقاص: “تتكرر الأحداث المشبوهة مع هذا النادي”، حيث يحوَّل الحوادث العابرة إلى نظام ظلم مُمنهج.
– الاستعاضة عن الفعل بالخطاب نتيجة عدم القدرة على منافسة ريال مدريد في الحضور والألقاب فيُعوَّضون ذلك بـ”العنف الرمزي” عبر الخطاب، كوسيلة لاستعادة السيادة الوهمية بعيدا عن الواقع.
2. الديناميكية الجماعية لـ”الكراهية المُقدَّسة” المتمثلة في التضخيم الطقوسي للعداوة من خلال تبني خطابعدائي ليس موجهًا ضد ريال مدريد فحسب، بل ضد مشجعيه كـ”أتباع النظام” واتهامهم بغياب الأمانة (كما في تعليق جميل مفرح) الذي يُجسِّد نزع الصفة الإنسانية (Dehumanization) عن الخصم، لتبرير الكراهية.
– التماسك الاجتماعي عبر العدو المشترك حيث يستخدمون الهجمات على الريال كـ”غراء اجتماعي” يوحد مشجعيي برشلون في غياب الإنجازات، حيث يصبح “كره الريال” بديلًا عن “حب البرشا” وهو ما تعمل عليه قيادة النادي البرشلوني كمنهج عمل بدأه رئيس النادي وأوصله إلى جماهيره لتبرير عجزه.
3. الصدمة الرقمية وتضخيم الاحتقان أو ما يمكن تسميته بالفُصام الرقمي (Digital Schizophrenia) حيث يعيش مشجعوا برشلونة في واقعين متوازيين
واقع البطولات (حيث تُظهر الوقائع تفوُّق الريال)، وواقع السوشيال ميديا (حيث تُصنع سردية بديلة عن “التزوير”).
هذا الانقسام يُنتج غضبًا مستمرًّا، لأن المنصات الرقمية تُعزز الانحياز التأكيدي (Confirmation Bias).
– الاقتصاء العكسي (Reverse Projection) حيث أن اتهام الريال بالفسادهو إسقاط لخوفهم الداخلي من تورط ناديهم في فضائح (كقضية نيغيرا)، حيث يُحمِّلون الخصم ذنوبهم وفضائحهم.
■ تحليل النفسي المُعمَّق للنماذج الثلاثة:
✍️1. نموذج الصحفي جمال حسن: السخرية كدرع نفسي
السياق:
– اتهام التحكيم بـ”الفضيحة” رغم تفسير اليويفا القانوني.
– استخدام نبرة ساخرة: “شهود زور… الحياة بدون معاصي مش حلوة”.
التحليل النفسي:
– الهروب من المواجهة بالضحك (Humo as Defense) حيث سعى الكاتب تحويل الإحباط إلى سخرية يُخفي عجزًا داخليًّا عن مواجهة حقيقة تفوُّق الخصم، وحيث تعمل السخرية كـمخدِّر عاطفي لتجنب الألم الناتج عن الاعتراف بالهزيمة الرمزية.
– الإسقاط الأخلاقي (Moral Projection): من اتهام مشجعي الريال بـ”شهود الزور” وهو إسقاط لـصراعه الداخلي مع ذنوب جماعية (كفضائح نيغيرا)، حيث يُحمِّل الخصم أخطاءه الكامنة ليتحرر من عبء الشعور بالذنب.
– التنفيس عن الغضب المكبوت (Cathartic Venting) والذي ظهر في عبارة “الله يغفر لهم” حيث تُظهر تناقضًا نفسيًّا بين الرغبة في “العقاب الأخلاقي” للخصم والحاجة إلى التطهير الذاتي عبر الصورة الدينية.
✍️ 2. نموذج الصحفي جميل مفرح: التفكيك العدواني للواقع
السياق:
– تشبيه مهاجمي الريال بالطائرات الحربية (F16) واتهامهم بالفشل.
– وصف مشجعي الريال بـ”المليشيات”.
التحليل النفسي:
– التقليل من الإنجاز عبر التفكيك (Achievement Diminishing) من خلال تحويل التركيز من الأداء الرياضي إلى المكونات المادية (تكلفة المهاجمين) ويُشير إلى عقدة النقص تجاه القدرة المالية لريال مدريد، والتي تُهدد سردية برشلونة كـ”نادي قادر على المنافسة”.
– التجريد من الإنسانية (Dehumanization) في مصطلح “مليشيات” الذي يُجسِّد آلية التجريد من الإنسانية، حيث يُحوِّل ريال مدريد ومشجعيه إلى كتلة عدوانية مجهولة الهوية، ويُسهِّل للآخرين ممارسة العنف الرمزي والإلكتروني ضده.
– الإنكار الانتقائي (Selective Denial): مز خلال تجاهل أداء الريال في الترجيحات (كقوة عقلية) والتركيز على “الخطأ الفني” ويُظهر انحيازًا تأكيديًّا (Confirmation Bias)، حيث يتم انتقاء المعلومات التي تدعم روايته فقط وتساهم في تشويه لاعبي الريال وتاربخه ومشجعيه.
✍️ 3. نموذج الناشط وقاص المقطري الذي استخدم الأسطورة الأخلاقية كتعويض
السياق:
– اتهام الريال بالفساد المُمنهج ووصف جمهوره بافتقاد الضمير.
– الدعوة لمواجهة الريال بـ”غرفة الفيديو”.
التحليل النفسي:
– بناء الأسطورة الأخلاقية (Moral Grandstanding) عبر تصوير برشلونة كـ”بطل أخلاقي” والريال كـ”شر مُطلق” وهو بهذا يحاول أن يُشبع حاجة مشجع البرشا إلى التميُّز الأخلاقي في ظل غياب التميُّز الرياضي، وهو شكل من التعويض النفسي (Compensation).
– تمثيل على دور الضحية (Victim Appropriation) عبر تكرار مصطلحات مثل “الأحداث المشبوهة” و”التزوير” وهو بذلك يُعيد إنتاج سردية الاضطهاد التاريخي للهوية الكتالونية، بهدف تعزيز التماسك الجماعي لمشجعي البرشا وعدم تسربهم من تشجيع النادي عبر استدعاء الذاكرة الجمعية للألم.
– الوهم بالسيطرة (Illusion of Control): والذي مثله بالدعوة لـ”خطة غرفة الفيديو” ضد الريال وهو بذلك كشف هوسًا بالتحكّم في سير الأحداث، كرد فعل على الشعور بالعجز أمام تفوُّق أمتم تفوق ريال مدريد أخلاقيا ورياضيا.
❎️ وعليه فإن النماذج الثلاثة السابقة تشترك في الأنماط النفسية التالية:
أ. العقدة الماسوشية الجماعية (Collective Masochism): حيث يعيش مشجعو برشلونة في دورة معاناة ذاتية،يرفضون قوانين كرة القدم ولا يقبلون آراء محللي الرياضة وفقهائها كما يرفضون تفسيرات اليويفا (التي قد تُنهي الجدل) لأنهم لو اعترفوا بها لفقدوا “مصدر الألم” الذي يُغذي هويتهم، فـالمعاناة هي جزء من هوية البرشلوني.
ب. التضخيم الرمزي للخصم (Symbolic Inflation) سعيا لتحويل ريال مدريد من نادٍ رياضيّ إلى كيان ميتافيزيقي (“الشر”، “الدولة العميقة”)، الأمر يُضفي على الصراع طابعًا وجوديًّا يُبرر الاستثمار العاطفي المفرط.
ج. الازدواجية المعرفية (Cognitive Dissonance) المتمثلة في:
– التعايش مع تناقضين:
1. الإيمان بأن الريال “فاشل رياضيًّا” رغم فوزه.
2. الإصرار على أن الريال “يغش” رغم عدم وجود أدلة.
يُحل هذا التناقض عبر خلق واقع بديل تُبرره العاطفة الجماعية.
❎️ الخلاصة الإكلينيكية:
هذه النماذج ليست تعبيرا عن غضب رياضيّ، بل هي أعراض اضطراب جماعي في الهوية، يتغذى على:
– الذاكرة الانتقائية (Selective Memory).
– الوهم بالتفوُّق الأخلاقي (Moral Superiority Illusion).
– الإدمان على دور الضحية (Victimhood Addiction).
والشفاء من ذلك يتطلب تفكيك هذه المركبات عبر مواجهة جماعية مع الذات، قبل مواجهة ريال مدريد والإنشغال به.
#رياض_السامعي