شارع تعز – خاص
تصف السيدة (هـ.م.ث 30 عاماً) ما تعرضت له أسرتها من أذىً نفسي خلال فترة قصف مليشيا الإخوان لمدينة تعز القديمة بالقول ” مع اشتداد الهجمات المسلحة على حارتنا لثلائة أيام متواصلة تعرض منزلنا لـ 6 هجمات بأسلحة مختلفة أشدها كانت قذائف آر بي جي”.
وتواصل “عشنا وقتها فترات عصية وأصبنا بحالات الهلع والخوف والفزع، كنا غير قادرين على فعل شيءٍ حتى على مستوى حركتنا داخل المنزل، كنا في حالة إرباكٍ وخوفٍ متواصلٍ أنا وأمي وأطفالي”.
وتستطرد بالقول “صباح يوم 23 مارس 2019م حوالي الساعة التاسعة والنصف وعمليات القصف مستمرة في ذلك الوقت اخترقت نوافذ منزلنا شظايا من قذائف “آر بي جي” وفي تلك اللحظات كان طفليَّ بالقرب مني أصابتهما عدد من الشظايا التي اخترقت المنزل”.
“لم احتمل ذلك المنظر والدماء تنزف منهما وهما مرميان على الأرض خفت وظنيتُ أنهما قد فارقا الحياة، شعرت حينها كأن أحد ضربني على بطني وأصبت بحالة إغماء، لم اشعر بشىء من حولي إلى أن أفقت على صوت أمي بعد فترة” تقول (هـ.م.ث).
وتضيف “كنت حاملاً في الشهر التاسع وقتها، وبعد ان توقفت أعمال القصف على المدينة تم إسعافي إلى المستشفى وبعد الكشف التي أجرته الطبيبة أخبرتني بان الجنين توقفت نبضات قلبه، وقد توفيَ في بطني”.
أجريت لـ هـ.م.ث عملية إجهاض وتم إخراج الجنين منها ميتاً ولا زالت تعالج وتزور طبيبتها كل ثلاث أيام بسبب النزيف الحاد الذي تعرضت له من شدة الخوف الذي أصابها وفصيلة دمها النادرة.
تعرّضت هـ.م لصدمة نفسية وفقاً لتشخيص طبيبها النفسي جراء ما تعرضت له أثناء عمليات القصف وإصابة طفليها ” ما أزال غير مستقرة نفسياً وما زال الخوف يلازمني عند سماعي طرقات الباب، عند سماعي لأي صياح ينتابني شعور بالخوف الشديد” تشير هـ.
عند الثالثة مساءً يوم 24 أبريل 2019م كانت “ت.ع.ح” في منزلها رفقة زوجها وابنيها وابنتي خالتها وصهرها وابنه حين سمعت إطلاق صوت رصاص بكثافة كبيرة.
إعتقدت ت أن إطلاق الرصاص سينتهي قريبا كما في اليومين السابقين لكنها زادت وتنوعت أصواتها وبدأت تسمعها من جهات عدة.
“حينها دب الرعب والخوف الشديدين بداخلنا وعند سؤالي لزوجي عن هذا القصف، قال لي لا تفتحوا نوافذ المنزل، الحارة مليئة بجنود ينتمون لكتائب أبي العباس وتتمركز في الطرق وأزقة الحارات وهم يحاولون الآن الدفاع عن الحارات من الاعتداءات المسلحة التي تنفذها جماعات (الحشد الشعبي) المتمركزة في (جولة وادي المدام) التي تبعد عن منزلنا بمسافة 200 متر تقريباً” تقول ت.
وتضيف”كان عناصر الحشد الشعبي كثيروا العدد لم نتمكن من حصرهم، لقد شاهدناهم قبل أن نغلق النوافذ وكانوا يرتدون ملابس مدنية وملثمين ويحملون السلاح وكانوا يسيطرون على مداخل الجولة وممراتها، وكان هذا اليوم الثالث من أيام الاعتداءات المسلحة بعد اقتحام المدينة القديمة”.
وتزيد بالقول “استمر إطلاق الرصاص إلى وقت صلاة المغرب واتجهنا باتجاه المطبخ وفي طريقي احتضنت أبني الصغير كي احميه فقد كان إطلاق الأعيرة النارية المختلفة باتجاه نافذة الغرفة ومصدرها كان من الجماعات المتمركزة في (الجولة)”.
ووفقا لحديثها كانت إحدى الرصاص قد اخترقت نافذة الغرفة وأصابتها في فخذها الأيمن وخرجت واستقرت في بطن ابنها الذي كان جانبها متمسك بها وخائفاً من أصوات القصف الكثيف.
“سقط ابني على الأرض وصرخت بصوتٍ عالٍ، فسمعني ابن صهري وجاء وحمل ابني وخرج به للشارع يحاول إسعافه، الطرقات كلها كانت ممتلتة بالمسلحين وكانت أصوات الرصاص كثيفه فمشى به مسافة 500 متر مشياً على الاقدام لأنه لا توجد وسيلة نقل الى أن خرج به من منطقة (الباب
الكبير) بأعجوبة” تقول ت.
وتضيف ” وجد دراجة نارية بالصدفة وأسعفه إلى مستشفى الثورة مباشرةً وهناك تلقى الاسعافات الأولية والتضميد، وضلت أصوات القصف بقذائف سلاح ( ار بي جي ) مستمرة إلى بعد صلاة المغرب وبدأت تقل أصواتها تدريجياً إلى أن حل الصمت على المنطقة التي نسكن فيها”.
وتختم بالقول “بالنسبة لي فقد ساعدني زوجي في ربط المنطقة التي تعرضت للإصابة ونظراً للخوف الذي انتابني كنت غير قادرة على لذهاب إلى المستشفى من شدة القصف في الحارات حينها”.
“م.ص.م 28 عاماً” كان واحد من المتضررين جراء الأعمال العدائية بحق المدنيين التي انتهجها حزب الإصلاح بتعز عبر مليشيات الحشد الشعبي أثناء اقتحام المدينة القديمة خلال مارس – أبريل 2019م.
يقول م “قبل عام بالتمام والكمال قامت مليشيات حزب الإصلاح بمساندة اللواء 22 ميكا بالهجوم على حي الجمهوري في محافظة تعز ( يبعد عن المدينة القديمة نصف كيلو متر تقريبا ) مما أدى بنا الى ترك منزلنا والنزوح الى المدينة القديمة حيث يتواجد منزل جدي (والد أمي) في وادي المدام حارة اسحاق (المدينة القديمة).
ويشير” كنا 7 أشخاص أنا ووالدتي و5 أخواني من ضمنهم أخي الشهيد (معاذ)”.
ويؤكد قائلاً ” بدأ الهجوم على المدينة القديمة من قبل مليشيا الإصلاح في 19مارس تقريبا بجميع أنواع الأسلحة وقتل وجرح العشرات وأرهبوا الأطفال والنساء حتى لم يتجرأ أحد الخروج من منزله لأخذ احتياجاته من مأكل ومشرب بسبب انتشار القناصة بكل مكان حول المدينة في أسطح المباني والمرتفعات حول المدينة” .
ويوضح “بالنسبة لأخي الشهيد معاذ، 27 عاماً كان يعمل في مقر كتائب أبو العباس التابعة للواء (35 ) مجند جديد وتم الهجوم على مقر الكتائب الواقع في المدينة القديمة تحت قلعه القاهرة وتم اقتحامها بتاريخ 2019/3/23.”.
“وجد أخي مقتولاً هناك بطلقة في يده اليسرى دخلت الى قلبه ثم بعد ذلك أخذته مليشيات الحشد بعد مقتله الى أحد المستشفيات التابعة حي الجمهوري وهذا هو حالنا من نزوح الى آخر جراء أعمال مليشيات الحشد الشعبي” يضيف م.
– استند هذا التحقيق على تقرير حقوقي أصدرته منظمة حق للدفاع عن الحقوق والحريات حول جرائم مليشيا الحشد الشعبي في المدبنة القديمة.