كتب: بشير عثمان | المشهد الاوكراني اصبح درامتيكي . الروس بداو انسحاب عسكري من ضواحي كييف. التوقعات كانت قبل ستة ايام ومثل صحيفة الويل ستريت تتنبأ بان ذلك انسحاب تكتيكي هدفه اعادة التزود والاعداد لهجوم ضخم يحتل العاصمة. كان الاحتمال يلقى قبولا واسعا،.
ولكن سرعان ما انحسر مع تطورات اليومين الفائتين، والتطورات كانت عبارة عن الاشارات الايجابية التي تبعثها مفاوضات شاقة يتوسطها الاتراك، والتي تخبر ان الطرفان منفتحان على انها الحرب بالتفاوض.
النيويورك تايمز اليوم وبالتوازي مع المتغيرات تلك كان لها تحليل اكثر موضوعية في جزء كبير منه، تخمن الصحيفة العريقة ” ان الروس منذ البداية كان هدفهم السيطرة على شرق اوكرانيا او الدونباس تحديداً “.
وبالتالي العمليات الواسعة كان هدفها صرف انظار الجميع عن هذا الهدف، ويؤكد التقرير ان مدينة ماريبول والتي بذل الروس جهد كبير للسيطرة عليها بمثابة جسر يربط القرم بشرق اواكرانيا، ولهذا السبب سبقه الاعتراف بالجمهوريتين في شرق اوكرانيا وجرى انسحاب بعد احكام السيطرة عليها.
ووفق هذا التصور ضمن الروس تحقيق اهدافهم والخطوة التالية وقف اطلاق النار والذي يجري التفاوض حوله وهو تفاوض يخلق وضع افضل للروس، فاي وقف اطلاق نار مع الابقاء على الوضع العسكري كما هو عليه ، اي وضع دائم للروس في شرق اوكرانيا هو بمثابة انتصار روسي.
وهذا الاحتمال يعززه ابداء بعض المرونة التفاوضية وكذا انسحاب الروس شمالا من اطراف كييف فكل ما يحتاجونه هو الدونباس.
ولكن لماذا الدونباس؟
الشرق الاوكراني ( تحت الاحتلال الروسي) يساوي ٩٪ من الاراضي الاوكرانية، يشعر سكانه بعلاقة دافئة مع روسيا ومثل بقية اوكرانيا، ضمان هذا الجزء رغم ضآلته يترك اوكرانيا محطمة ، وغير مستقرة في الوسط، ولا امل لها بالالتحاق بالاطلسي في الغرب، والشرق بالاضافة الى ذلك موطن الفحم والغاز والطاقة الواعدة. تبدو خطة ماكرة وذكية لو نجح الروس في فرضها.
لكن تبقى بعض المشكلات فالسلام بين الاوكران والروس في هذه المرحلة لا يخدم الغرب، والحرب لا تخدم اوكرانيا والروس معا، وهنا ستكون اوكرانيا تحت ضغط غربي هائل، مع فرص كبيرة لمواصلة القتال.
في المقابل ومع خفوت المعركة العسكرية بدات تظهر في الافق رياح المعركة الاقتصادية بين الروس واوربا، والتي بدات بالعقوبات ، وفرض الروبل عملة وسيطة، واليوم تتوج باغلاق انبوب الغاز الذي يغذي أوروبا.
الخبراء يتوقعون انها ستكون معركة لا تقل عنفا وشراسة عن المعركة العسكرية، وبمناسبتها قد تكون احدى اوراق الروس الغاز لفرض امر واقع في الدونباس يقبله الاوربيون.
تصف النيويورك تايمز بوتين بانه “ثعلب غريب، ولكنه ليس احمق مجنون”.