كتب – خالد سلمان
لم تغير المملكة سياستها إزاء اليمن ،
حيث مازالت تقتفي أثر نظرة الأجداد ووصاياهم، في ضرورة فرض التبعية والإنسياق خلف إملاءاتهم، وعدم الإعتراف بوجود دولة يجب أن يكون لها قرارها المستقل، تُدار من القصر الجمهوري لا من سفارة المملكة في صنعاء.
تثبت كل التصدعات والحرائق التي تطال السعودية الآن ، أن الأمن منظومة متكاملة ، حين يكون جارك الإجباري بحكم سلطة الجغرافيا ، غير آمن ، فأنت وأمنك الداخلي، بالنتيجة ضحية محتملة.
إضعاف اليمن لم يفتح أبواب السيطرة عليه ، بل فاقم في داخله مشاعر الغبن والتوق للخلاص من مثل هكذا تبعية وإرتهان.
عبثت السعودية في كل شيء، أفسدت السلام الإجتماعي غذت الحروب البينية، صنعت الكيانات التابعة لها ، خلقت دولة المشائخ داخل الدوله، أسقطت واغتالت رؤساء ونصبت رؤساء، وجعلت كل خيوط السياسة بيدها، والبقية أرجوازات لضرورات التصوير والمراسيم الشكلانية.
السعودية لم تستوعب يوماً أن جاراً مستقراً يعني داخلاً سعودياً آمناً ،وأن كل إنفجار إجتماعي عسكري على تخوم حدودك ،يعني حصد المزيد من الشطايا والتداعيات الناسفة لإستقرار نظامك السياسي.
الذهنية الحاكمة وصانع القرار السعودي عليه أن يغير مفاهيمه ويخلق تصوراته البديلة ، بالمساعدة في خلق جار قوي ،والكف عن التدخل في شأنه الداخلي، ووقف تغذية الصراعات وتجفيف مصادر تمويل حلفاءهم المحافظين ، والإعتراف أن هناك بلد يجب أن يكون سيد قراره، وأن هناك شعب هو من يقرر مصيره ويختار شكل الحكم وكيفية إختيار الحاكم.
نعم هناك متغير إقليمي بوجود إيران ، ولكن من بوابة إضعاف اليمن تمكنت طهران من إختراق المنظومة الإجتماعية المذهبية القبلية ، ولو كان اليمن قوياً بما فيه الكفاية، وصاحب قرار مستقل لما سُمح لأي قوة إقليمية أن تجد لنفسها على أرضه موطئ قدم.
القوة لم تعد هي تلك بمفهومها القديم التقليدي ، الآن يستطيع الفقير أن يكون قوياً بقليل من التسليح البدائي ، ويعجز القوي بترسانته المتقدمه أن يفرض شروطه ومعاييره على الآخرين لمفهوم القوة.
وعليه يجب صياغة معادلة جديدة خارج دبلوماسية القوة المسلحة:
إنهاء الحرب مقابل السلام ، حسن الجوار مقابل عدم التدخل بالشأن الداخلي.
شكل الدولة نظامان سياسيان بدولة واحدة ، أم دولتان بشعبٍ واحد ، هو شأن يمني بإمتياز.
فقط إرفعوا أيديكم عن اليمن.